تخطى إلى المحتوى الرئيسي

كشفت اليومَ دراسة ريادية عن أنَّ نشر الأفكار المبتكرة في مجال الرعاية الصحية يستلزم من الحكومات وهيئات ومؤسسات الرعاية الصحية أن ترسمَ رؤية استشرافية واضحة المعالم لما يمكن تحقيقه، وأن تحدّدَ المعايير المنشودة، وأن تتجنَّب أساليب العمل المتقادمة، لافتةً إلى أنَّ غالبية بلدان العالم لم تفعل ما هو مأمول منها في هذا الشأن.

وحدَّدَ «تقرير دراسة الانتشار العالمي للابتكار في الرعاية الصحية » غير المسبوق الذي نُشر اليوم خلال أعمال «مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية» (ويش) بالعاصمة القطرية الدوحة العوامل التي من شأنها تسريع وتيرة استيعاب الابتكارات في مجال الرعاية الصحية، ويمثل التقرير دراسة استقصائية مُقارَنة لما تقوم به ثمانية بلدان هي الهند والبرازيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا وإسبانيا وجنوب أفر يقيا، بالإضافة إلى دولة قطر المستضيفَة لأعمال القمة، على صعيد نشر الأفكار المبتكرة المطوِّرة للرعاية الصحية المتاحة للقاطنين بها.

وتمثل الدراسة التي أُجريت برعاية مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع أول دراسة من نوعها يجريها باحثون لاستقصاء العوامل التي تحفز نشر الابتكارات في مجال الرعاية الصحية ببلدان العالم.

وشدَّد « تقرير دراسة الانتشار العالمي للابتكار في الرعاية الصحية » على الأهمية البالغة لكَسْب عقول وقلوب المختصين في مجال الرعاية الصحية ممَّن هُم على تماس مباشر مع المرضى، وكذلك المرضى أنفسهم، وذكر التقرير أن البلدان التي شملتها الدراسة الاستقصائية، في المجمل، لم تأل جهداً في الإصغاء للداعين للابتكار، وإشراك وتمكين المرضى، والتغلُّب على مخاوف الإكلينيكيين. بَيْدَ أن سبعة منها لم تبذل ما هو مأمول منها في تجنُّب أساليب العمل المتقادمة، وفي مواءمة الابتكارات مع خصوصيتها المحلية، وتوفير الموارد لإثراء المعرفة.

وأظهرَ التقرير أن ثمة هُوَّة بين المحاور المهمَّة التي حدَّدها الخبراء لنشر الأفكار المبتكرة وبين واقع الحال في سبعة بلدان هي أستراليا والبرازيل وإنجلترا والهند وجنوب أفريقيا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وممَّا انفردت به دولة قطر، وفقاً للتقرير، الأخذ دون تردد بكل ما من شأنه نشر الأفكار المبتكرة.

وكانت تلك الهُوَّة أكثر اتساعاً في بلدين هُما إنجلترا وإسبانيا اللذين يعانيان نقصاً في تمويل جهود البحث والتطوير ونشر الأفكار المبتكرة. وعلى صعيد آخر، ذكر التقرير أن الحوافز المعزِّزة لنشر الابتكار في أستراليا والبرازيل وجنوب أفريقيا لم تكن كافية. وبالانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية والهند، أشار التقرير إلى هُوَّة محدودة في البلدين المذكورين بين ما يوصي به الخبراء وواقع الحال، غير أن تلك الهُوَّة ثابتة.

ويرتكز « تقرير دراسة الانتشار العالمي للابتكار في الرعاية الصحية » إلى مقابلات شخصية مع أكثر من مئة من قادة الرعاية الصحية، جنباً إلى جنب مع أكثر من ألفين من المختصين في مجال الرعاية الصحية، وشملت معايير التقييم الابتكار في المنتجَات (التقنيات الجديدة والاختراعات والعقاقير الدوائية) والممارَسات (أساليب العمل الجديدة والبروتوكولات الإكلينيكية) والسياسات (التشريعات).

وأظهر التقرير تفاوت الآراء إزاء الابتكار بالبلدان الثمانية التي شملتها الدراسة الاستقصائية. وعلى سبيل المثال، في نظام الرعاية الصحية المرتكز إلى التأمين بالولايات المتحدة الأمريكية، قال خبراء إن للحوافز المادية دوراً مؤثراً، وبالمقارنة كان للمعايير والبروتوكولات المطبَّقة من قبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية (إن إتش إس) في إنجلترا الدور المؤثر.

بَيْدَ أن الخبراء اتفقوا على أهمية كَسْب عقول وقلوب المختصين في مجال الرعاية الصحية ممَّن هُم على تماس مباشر مع المرضى إن أرَدنا فعلياً نشر الأفكار المبتكرة وأساليب العمل الجديدة.

وتحدَّث البروفسور اللورد دارزي، مدير معهد الابتكار في الصحة العالمية بجامعة إمبريال كوليدج في لندن والرئيس التنفيذي للمؤتمر، قائلاً: “ينبغي تغيير جميع الخدمات الصحيّة لمواجهة مشاكل الشيخوخة، والأعباء المتزايدة للأمراض المزمنة، والضغوط الاقتصادية. نحن بحاجة إلى حلول مبتكرة لهذه المشكلات، لكن الحاجة الأكثر أهمية هي أن نتعلم سبل نشرها بما يسهل استيعابها وتعميمها. وتقدم لنا هذه الدراسة الرائدة التي رعتها مؤسسة قطر فرصة فريدة للإطلاع على ماهيّة أنظمة الرعاية الصحيّة في هذه الدول، ما يسمح لها بنشر الابتكار بنجاح بهدف إلهام دول أخرى في جميع أنحاء العالم لاعتماد أفضل الطرق والأفكار”.

من جهته، قال غريغ بارستون، المؤلّف الرئيس للدراسة التي كُشف النقاب عنها خلال أعمال القمة: “مما يبعث على التفاؤل هذا الاتفاق والاتساق بين هيئات ومؤسسات الرعاية الصحية في رَفْد الداعين والداعمين للابتكار، وتمكين المرضى وإشراكهم، والتغلُّب على مخاوف الأطباء، رغم تفاوت الجهود التي تبذلها البلدان المختلفة على الصُّعُد الوطنية. ورغم ذلك عليها بذل المزيد والمزيد من أجل تجنُّب أساليب العمل المتقادمة التي لا تتلاءم مع ثقافة الابتكار، ومواءمة الابتكارات مع خصوصيتها المحلية، وتوفير الموارد لإثراء المعرفة”.

ومن الأمور التي يتفق عليه الخبراء بكافة البلدان التي شملتها الدراسة الاستقصائية للتقرير الدور المؤثر للتقنية المعلوماتية في نشر الأفكار المبتكرة وتعميم الفائدة المنشودة منها، وهو الدور الذي تعزَّز أكثر فأكثر في الاقتصادات الصاعدة وهي البرازيل والهند وجنوب أفريقيا.

وحثَّ التقرير حكومات بلدان العالم على تخصيص الموارد اللازمة لنشر الابتكار  والانفتاح على الأساليب الجديدة في مجال الرعاية الصحية.

ومما جاء في التقرير  في هذا الشأن: “المختصون بمجال الرعاية الصحيَّة ممَّن يقدّمون خدمات الرعاية الصحية هُم الأقدر على نشر ثقافة الابتكار، ولكن قد يتحوَّل هؤلاء أنفسهم إلى حجر عثرة في طريقها”.

دراسات حالة

يختلف الخبراء في رؤيتهم وتصنيفهم للمحاور الأكثر تأثيراً في دعم انتشار الابتكار خلال الأعوام الخمسة الماضية من بلد إلى آخر، ولكن يمكننا أن نستفيدَ الكثير والكثير من تجاربهم المختلفة في بلدانهم.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، من بين الأفكار المبتكرة التي نجحت البلدان التي شملتها الدراسة الاستقصائية في تطبيقها:

  • في أستراليا سُرعان ما أصبح التلقيح ضد سرطان عُنق الرحم من بين التدابير المعتادة بعد أن ثبتت فعاليته، بعد حملة تثقيفية عن أهميته وفعاليته.
  • في البرازيل، أُطلقت جائزة العلماء الصِّغار بفضل شراكة بين مؤسسات حكومية وشركات خاصة لدعم العلماء الواعدين الطموحين الذين من المؤمَّل أن يتركوا بصمة فارقة في المستقبل في عالم البحوث.
  • في إنجلترا، وُضعت أهداف محدَّدة للحدّ من معدلات الإصابة بما يُعرف باسم عدوى المستشفيات، وتم تدعيم تلك الأهداف بالتهديد بفرض عقوبات على المستشفيات المخالفة، وأثمرت تلك الجهود عن خفض عدوى جرثومة الدم بمعدل ١٨ ضعفاً، وعن خفض عدوى المِطَثيَّة العسيرة (سي ديفيسيل) بمعدل خمسة أضعاف مقارنة بمعدلات الفترة بين عامي ٢٠١٢-٢٠٠٦.
  • في الهند، أعطت تقنية جديدة المختصين ممَّن هُم على تماس مباشر على المرضى القدرة على إجراء تسعة فحوص أساسية للرعاية الصحية في المناطق الريفية بتكلفة متدنية من خلال جهاز متوافق مع تقنية بلوتوث.
  • في قطر، حظيت «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة السرطان» – التي انطلقت في مايو ٢٠١١ الممتدَّة لخمسة أعوام – بدعم واهتمام واسِعَيْن في قطر، وتشرف على الاستراتيجية لجنة وطنية تضمُّ في عضويتها كبار المسؤولين في مجال الرعاية الصحية وممثلين عن المرضى أنفسهم.
  • في جنوب أفريقيا، تعمل شركة الاتصالات النقالة «فوداكوم» مع ٨٠٠ من العاملين في مجال الرعاية الصحية و٥٠ عيادة طبية لتمكينهم من تحميل معلومات المرضى عبر هواتفهم النقالة، الأمر الذي يختصر الكثير من الوقت، لاسيما الأعمال الورقية.
  • في إسبانيا، أدخلت المستشفيات السجلات الإلكترونية لتحلَّ محلَّ السجلات الورقية، الأمر الذي عزز معايير الدقة واختصر الفترة الزمنية اللازمة لإعداد التقارير وسهَّل الوصول إلى التاريخ المرضي.
  • في الولايات المتحدة الأمريكية، يزداد الإقبال على برامج الرعاية الطبية (PCMH) التي تجعل الدفعات المسدَّدة تتوافق مع النتيجة الملموسة وتؤكد على أهمية تنسيق الرعاية على امتداد الخدمات الطبية والمجتمعية.

المستقبل

ركائز الابتكار التي حدَّدها الخبراء في البلدان الثمانية من المرجَّح أن تسهمَ في تعزيز ثقافة الابتكار خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

  • التطورات في تقنية الهواتف النقالة التي تسهل تبادل المعلومات والنفاذ إلى السجلات الصحية الرقمية.
  • السياسات العامة وتغييراتها التي تشجع الإكلينكيين على تطوير أساليب عمل مبتكرة.
  • توفير موارد محددة لتشجيع تطوير شبكات تربط بين الباحثين والإكلينيكيين.
  • إدراك الحاجة إلى ريادة مهنية وتعميم ثقافة ابتكار بين المختصين الذين هُم على تماس مباشر مع المرض.

More أخبار

صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر تشهد افتتاح قمة “ويش” 2024 التابعة لمؤسسة قطر
Press Releases
13 نوفمبر 2024

صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر تشهد افتتاح قمة “ويش” 2024 التابعة لمؤسسة قطر

اقرأ أكثر...
مؤتمر “ويش” يعلن عن القائمة المختصرة لجوائز الابتكار العالمي في الرعاية الصحية
Press Releases
29 أكتوبر 2024

مؤتمر “ويش” يعلن عن القائمة المختصرة لجوائز الابتكار العالمي في الرعاية الصحية

اقرأ أكثر...
متحدثون بارزون يتناولون التحديات الصحية العالمية في قمة ويش 2024
Press Releases
16 أكتوبر 2024

متحدثون بارزون يتناولون التحديات الصحية العالمية في قمة ويش 2024

اقرأ أكثر...